التخطي إلى المحتوى

عزز الانفتاح الذي شهده العراق بعد عام 2003، ولا سيما الإقبال على شراء واستيراد السيارات من دول المصنع، تحوّلت السوق العراقية إلى إحدى الأسواق المستهدفة من قبل العديد من الشركات العالمية التي تسعى لزيادة حصتها من هذه السوق المتنامية، بحسب مختصين في الشأن الاقتصادي العراقي. ويأتي ذلك بعد توقعات لبلوغ أعداد السيارات في العراق بحلول عام 2030 أكثر من 10 ملايين سيارة.

 

أعداد السيارات

وكان رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي أكد، في وقت سابق، أن عدد السيارات تفاقم ليصل إلى ثمانية ملايين سيارة في عام 2024. وأضاف الغراوي في بيان، “أن عام 2024 سجل ارتفاعاً بنسبة 1.9، وفي عام 2023 بلغت نسبته 1.8 في المئة عن عام 2022، وتبلغ كثافة السيارات بحدود سيارة واحدة لكل 5.55 شخص في عام 2024، وبحدود سيارة واحدة لكل 5.43 شخص في عام 2023، وبحدود سيارة واحدة لكل 5.42 شخص في عام 2022”.

ورأى الغراوي، وفقاً لتقارير وزارة التخطيط ومديرية المرور العامة، وبحسب البيانات ومعدلات النمو لعدد السكان في العراق الذي قد يصل إلى 50 مليون شخص، وأيضاً كثافة السيارات لكل مجموعة أشخاص، فمن المتوقع أن تبلغ أعداد السيارات في العراق بحلول 2030 أكثر من 10 ملايين سيارة. وأكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق أن ارتفاع عدد السيارات سيؤدي إلى الضغط على البنى التحتية للطرق والجسور، إضافة إلى الكلف الكبيرة لاستيراد السيارات، والتأثير البيئي المتمثل بانبعاثات الكربون من السيارات، إضافة إلى زيادة حوادث السيارات وما ينتج منها من وفيات وإصابات بين المواطنين إضافة إلى الازدحام المروري الخانق. ودعا الغراوي الحكومة لاتخاذ إجراءات عاجلة لإيقاف استيراد السيارات لمدة خمس سنوات، ومعالجة الاختناقات المرورية، وإنشاء طرق حلقية وطرق دولية تستطيع استيعاب هذا الكمّ الهائل من السيارات، وإلزام أصحاب المركبات باستخدام السيارات الصديقة للبيئة.

سيطرة يابانية

في المقابل، كشفت شركة Focus 2 Move المختصة بتقديم بيانات عن أسواق السيارات، عن معدل المبيعات في الأسواق العراقية، مبينة أن شركة “تويوتا” اليابانية تربّعت على عرش القائمة خلال النصف الأول من العام الحالي. وذكرت الشركة في تقرير، أن مبيعات السيارات العراقية خلال يونيو (حزيران) بلغت 11 ألفاً و22 سيارة، وارتفعت مبيعات السيارات في النصف الأول من العام الحالي إلى 69 ألفاً و72 سيارة بنسبة ارتفاع 36 في المئة عن العام الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت الغراوي إلى أنه “من ناحية البيانات التراكمية خلال النصف الأول من العام الحالي، على مستوى العلامة التجارية، فإن سيارات “تويوتا” كانت في الصدارة، إذ تم بيع 19 ألفاً و926 سيارة، بارتفاع نسبته 59.2 في المئة، تليها “كيا” ثانية بإجمالي مبيعات 17 ألفاً و986 سيارة بارتفاع بلغ 4.2 في المئة، كما أن “هيونداي” احتلت المركز الثالث بـ 7980 سيارة بنسبة ارتفاع 21.3 في المئة، ومن ثم “أم جي” بالمركز الرابع بـ 5519 سيارة بارتفاع 30.4 في المئة، و”سوزوكي” خامسة بـ 2813 سيارة، و”شفرولي” سادسة بـ 2286 سيارة، و”غريت وول” بالمركز السابع بمبيعات 1381 سيارة بنسبة ارتفاع 85.1 في المئة”.

وتابع الغراوي أن “شركة “شانجان” احتلت المركز الثامن بمبيعات بلغت 1335 بانخفاض بنسبة 6.3 في المئة، تليها شركة “شيري” بانخفاض ثلاثة مراكز بمبيعات بلغت 797 بانخفاض 41.1 في المئة، ثم “بايك” التي أغلقت المراكز الـ 10 الأولى بمبيعات بلغت 787 تسجيلاً جديداً هذا العام بارتفاع 80.9 في المئة”. ويأتي ذلك، بالتزامن مع دخول شركة “إيران خودرو” على خط إنتاج السيارات في العراق أيضاً.

ساحة صراع اقتصادية

وكشف أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي عن أن العراق قد تحول بالفعل إلى ساحة صراع اقتصادية بين بعض الدول الكبرى في مجال بيع السيارات، خصوصاً بين السيارات الأميركية واليابانية والصينية وأيضاً الكورية، واعتبر أنه، بعد عام 2003، ومع تحرير السوق العراقية من القيود السابقة، أصبح العراق سوقاً جذابة للعديد من الشركات العالمية التي تسعى لزيادة حصتها من هذه السوق المتنامية، وزاد “أن السيارات اليابانية مثل تويوتا ونيسان تتمتع بسمعة قوية من حيث الجودة والمتانة، وهذه السمعة رسختها على مدى عقود، كما أن السيارات الصينية تقدم أسعاراً تنافسية للغاية مع توفير ميزات متقدمة، ما يجعلها خياراً مغرياً للمستهلكين العراقيين الذين يبحثون عن توازن بين السعر والجودة، والشركات الصينية استثمرت في بناء مصانع لتجميع السيارات في العراق، ما يعزز وجودها في السوق المحلية أيضاً”.

أما الحضور الإيراني في سوق السيارات العراقية، بحسب السعدي، “فهو ضعيف نسبياً على رغم القرب الجغرافي والعلاقات السياسية القوية. ويعود ذلك إلى عوامل عدة منها الجودة المتدنية للسيارات الإيرانية مقارنة بالمنافسين اليابانيين والصينيين، وكذلك الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها إيران، ما يضعف قدرتها على التوسع في الأسواق الخارجية”. ورأى أنه على رغم بعض المحاولات لإنتاج وتجميع السيارات في العراق، إلا أن هذه الجهود لم تترجم إلى نجاح كبير على الأرض من الناحية الاقتصادية، “نعم يمكن القول إن هذه الدول تحقق أرباحاً بمليارات الدولارات سنوياً من خلال بيع السيارات في العراق، ومع زيادة الطلب على السيارات الجديدة في العراق، خصوصاً في ظل نمو السكان وتحسن الوضع الاقتصادي تدريجاً، أصبحت السوق العراقية مصدراً مهماً للأرباح”.

أما في ما يخص إنفاق الفرد العراقي على السيارة، فأكد السعدي أن الأمر يعتمد على عوامل عدة بما في ذلك نوع السيارة وكلفتها الأولية، ولكن بشكل عام، يمكن أن تتراوح هذه المصاريف من 1500 إلى 3000 دولار سنوياً عند احتساب تكاليف الوقود، والصيانة، والتأمين، “لذا يمكن القول إن المنافسة في سوق السيارات العراقية تعكس جزئياً الديناميكيات الجيوسياسية، إذ تسعى الدول الكبرى لتعزيز نفوذها الاقتصادي عبر دخول أسواق جديدة مثل العراق”.

وفي السياق، يقول أحد أصحاب المراكز التجارية لبيع السيارات في بغداد، محمد حسين، إن الانفتاح الذي شهده العراق بعد عام 2003 جعل السوق العراقية قبلة للدول المصنعة للسيارات. وأكد أن هناك اقبالاً مكثفاً من قبل العراقيين لشراء السيارات الحديثة والمستوردة من الدول حيث يتم توفيرها بالشكل الذي يناسب المشتري، ولفت إلى أن كل فئة من الجمهور لها رغبة في شراء سيارة سواء كانت صناعة صينية أو يابانية أو حتى كورية وأميركية وغيرها.

نقلاً عن : اندبندنت عربية